الربح من تطوير التطبيقات من افضل طرق العمل الحر عبر الانترنت لتحقيق الدخل السلبي ، بالانجليزية Passive Income . و في هذا الموضوع سأشارككم تجربتي في الربح من خلال تطوير التطبيقات و كيف استطعت تحقيق اكثر من ١٠٠ الف دولار عن طريق هذا العمل .
في البداية أعرفكم على نفسي ، إسمي حسين بركات ، أقوم بتطوير التطبيقات لأجهزة الموبايل بالتحديد نظام آي او اس الخاص بأجهزة آبل الآيفون و الآيباد منذ حوالي عشر سنوات . بدأت هذا العمل عن طريق المنزل ، من خلال جهاز كومبيوتر لاب توب متصل بشبكة الانترنت . حيث استطعت تحقيق دخل مكنني من الاعتماد على هذا العمل بشكل كامل في حياتي .
كيف بدأت لدي فكرة تطوير التطبيقات ؟
في الحقيقة في عام ٢٠١١ ميلادية ، أي قبل ما يقارب العشر سنوات من الآن ، كنت أعمل في وظيفة خدمة العملاء كول سنتر ، بإحدى شركات الاتصال المعروفة في البحرين . و كان عقد العمل عن طريق شركة أخرى متعاقدة فيما يعرف بالآوت سورس . كان راتبي من تلك الوظيفة جيدا نسبيا ، اذ كنت أستلم ٤٠٠ دينار شهريا ، أي ما يعادل الف دولار شهريا ، او أكثر من ذلك بقليل .
مقر العمل لم يكن يبعد سوي مسافة بسيطة عن منزلي ، حيث أن ثلاث أو أربع دقائق كانت كافية للوصول الى مقر العمل ، فكانت تلك ميزة مهمة بالنسبة لي ، اذ طالما كنت أفضل العمل في مكان قريب من المنزل ، لسرعة الوصول و تجنب زحمة السير صباحا ، و كذلك يعني ذلك العودة للمنزل بشكل أسرع مما لو كان مقر العمل بعيدا و يستغرق وقتا أطول للعودة !
بداية العمل كانت عبارة عن فترة تدريب ،و لابد أن أشير هنا إلى أن فترة التدريب و التي استغرقت شهر كاملا كانت رائعة ، حيث كان الدوام يبدأ من الثامنة صباحا حتى الرابعة مساءا ، من الأحد إلى الخميس ، فيما كان يوما الجمعة و السبت إجازة .
كانت فترة التدريب نظرية في أغلب الاوقات ، نتعلم خلالها معلومات عن الشركة و العروض التي تقدمها و طريقة حل المشاكل التقنية و غيرها ، و في آخر أسبوع من التدريب بدأنا التدريب العملي على تلقي المكالمات من الزبائن ، حيث كنا نجلس بعض الوقت بجانب موظفين أقدم منا في الشركة و يمتلكون خبرة أكثر ، ليساعدوننا في الرد على الزبائن و التعامل مع انظمة الكومبيوتر . لكن فترة التدريب العملي لم تكن سهلة على الاطلاق ! و لم تكن ممتعة بالمثل من التدريب النظري .
سيل من المكالمات لا يتوقف منذ أول دقيقة يبدأ فيها دوامك !
إذ منذ فترة التدريب الأولى على تلقي المكالمات و دخول قاعة الكول سنتر ، تجد الجو العام جاد جدا حيث أن كل موظف أو ايجنت على كرسيه مرتديا سماعته المتصلة بجهاز كومبيوتر أمامه و يتلقى المكالمة تلو و المكالمة ، دون أي توقف .سيل من المكالمات لا يتوقف منذ أول دقيقة يبدأ فيها دوامك . لا مجال هنا للتدرج في الدخول لجو العمل و التحدث قليلا مع زملاء العمل ، اذ أن الكل مشغول بالمكالمات ، لا تستطيع حتى ان تلقي التحية لان زملاءك جميعهم مشغولون بمكالمات فهذا مع زبون غاضب من خدمة معينة ، و ذلك الموظف يشرح إحدى الخدمات لعميل آخر و أنت من أول دقيقة لك في الدوام قد يكون الزبون غاضبا و يدخلك في جو من التوتر بدلا من أن تشرب قهوة الصباح و تدخل في جو العمل بشكل تدريجي !
إستقالات منذ الشهر الأول
منذ الشهر الأول في العمل بخدمة العملاء كول سنتر بتلك الشركة لم يستطع بعض الزملاء الذين أنهوا فترة التدريب من الصمود ، و تقدم البعض بإستقالاتهم .
فيما واصل البعض الآخر رحلتهم مع الوظيفة و منهم أنا ، و بسبب كثرة المكالمات اكتسبت المعرفة و خبرة العمل بسرعة .
أكثر من أي وظيفة أخرى ، خلال شهرين إلى ثلاثة اعتقد إنني أجدت السستم المستخدم و أصبحت لدي القدرة على حل مشاكل العملاء بسرعة . لكن المشكلة التي واجهتها هي الضغط الكبير بسبب المكالمات التي لا تتوقف ، فترة الدوام هي ثمان ساعات ، تتخلها فترة راحة عبارة عن ساعة واحدة مقسمة بالشكل التالي : نصف ساعة راحة ، و ربع ساعة على مرتين .
و لكن ذلك لم يكن كافيا ، فضغط العمل شديد جدا ، و المكالمات متواصلة طوال اليوم ، حيث لا يمكن لاي موظف خلع السماعة عن اذنه الا في وقت الراحة فقط ، لدرجة إنني و الكثير من الموظفين كنا نشعر بالألم من وضع السماعة فترة طويلة ، فضلا عن الارهاق بسبب التحدث المتواصل مع العملاء و ما يتطلبه ذلك من جهد و تحمل للتعامل مع أنواع كثيرة من البشر .
حسنا لا أريد الاسترسال أكثر في التحدث عن تلك الوظيفة ! و لكن كان تبيان ذلك ضروريا لتوضيح الأسباب التي دفعتني لترك تلك الشركة لاحقا ، و البحث عن بديل ، فالإستقالة كانت نتيجة حتمية بالنسبة لي . و كانت مسألة وقت فقط !
لم أكن أستطيع الصبر أكثر ، فتقدمت للكثير من الوظائف ، أرسلت سيرتي الذاتية للعديد من الشركات و لكن لم يرد أحد تقريبا !
و لكن حصلت على إتصال و مقابلة واحدة لوظيفة كول سنتر أيضا ! كانت الوظيفة في أحد البنوك و عن طريق شركة متعاقدة أيضا بنظام الاوت سورس و لكن براتب أقل !
و في تلك الفترة كرهت شيء إسمه كول سنتر و سماعة و تحدث مع العملاء ، لذلك و بعد أن أصابني اليأس في البحث عن الوظائف ، فكرت في شيء بديل ، عمل حر أقوم به بنفسي دون أنتظار أي وظيفة .
من هنا جاءت فكرة تطوير التطبيقات !
كنت أمتلك جهاز آيفون ٤ اس في ذلك الوقت من عام ٢٠١١ ، و كان يوجد متجر التطبيقات آبل ستور و الذي كان في بداياته ، كانت هناك تطبيقات مجانية و أخرى مدفوعة ، و من أشهر التطبيقات في ذلك الوقت كانت لعبة الطيور الغاضبة ” Angry Birds ” ، حققت هذه اللعبة أرباح تقدر بملايين الدولارات ، و كانت تباع بسعر دولار واحد فقط . و كذلك كان يحتوى متجر التطبيقات على العديد من التطبيقات الناجحة و منها تطبيقات عربية . فقررت الدخول لهذا المجال ، تقدمت بإستقالتي من وظيفة خدمة العملاء كول سنتر لأبدأ مغامرة العمل الحر في تطوير التطبيقات لنظام آي او اس لأجهزة آبل و التي كانت تقتصر على آيفون واحد و آيباد واحد !
شراء لاب توب محمول نظام ماك
لتطوير التطبيقات على نظام آي او اس لأجهزة الآيفون أو الآيباد من آبل ، يتطلب برمجتها استخدام برنامج يسمى Xcode . و هو متوفر فقط في أجهزة الماك . يتم برمجة التطبيقات عن طريق لغة البرمجة اوبجتكيف سي ” Objective C ” ، و لاحقا أضافت آبل لغة سويفت ” Swift ” و كوني إستقلت من عملي ، قمت في البداية بشراء لاب توب محمول بنظام ماك ، و بدأت مشاهدة مقاطع فيديو لتعليم البرمجة بلغة اوبجكتيف سي من خلال اليوتيوب . بدأت التعلم بشكل ذاتي ، و كنت أمتلك خلفية بسيطة في البرمجة كونني خريج تقنية معلومات إدارية. و لكن لم تكن لدي أي معرفة مسبقة بلغة اوبجتكيف سي المستخدمة لبرمجة التطبيقات ، فاعتمدت بشكل كامل على اليوتيوب و أيضا محرك البحث جوجل .
آبل ترفض التطبيق الأول لقلة مميزاته !
قمت بعمل تطبيق بسيط جدا ، أسميته الدوري الأسباني ، كان يحتوي على واجهة و زر بسيط ياخذك لصفحة تعرض جدول مباريات الدوري الأسباني ، فكان بسيطا جدا مما أدى إلى رفض آبل للتطبيق بسبب بساطته و مميزاته القليلة جدا ، و طلبوا إضافة مميزات أكثر للتطبيق ، و لكنني قررت تركه و البحث عن فكرة تطبيق أخرى .
التطبيق الثاني : مطاعم البحرين
بعد رفض التطبيق الأول فكرت في تطبيق جديد يحتوى على مميزات أكثر ، و قررت تطوير تطبيق يعرض عدد من المطاعم في البحرين يحتوى على معلومات عن كل مطعن ، مع وجود إحداثيات لكل مطعم على الخريطة . و قمت بشكل يدوي بالبحث عن إحداثيات كل مطعم على خرائط جوجل و أضفتها للتطبيق . أستغرق مني العمل على التطبيق بعض الوقت و من ثم قمت بتسليمه لآبل و بعد فترة مراجعة استغرقت قرابة الأسبوع …
وافقت آبل على التطبيق !
سعر التطبيق كان دولارين ،أخبرت الأصدقاء و الأهل عن التطبيق بعد قبوله و نشره في المتجر ، كانت الفكرة جديدة بالنسبة لهم . و خلال أقل من يوم ، و اذا بالتطبيق يتقدم في ترتيب البرامج على المتجر ، ليحتل المركز الثاني على قائمة أفضل التطبيقات المدفوعة ! و بجانبه تطبيقات و ألعاب عملاقة مثلAngry Birds . هنا بدأت تراودني الأفكار بالأرباح الهائلة و الكبيرة كون التطبيق يحتل المركز الثاني في متجر التطبيقات لأكثر التطبيقات تحميلا !
و عند بداية اليوم الثاني ، يمكنني متابعة تقرير المبيعات و التحميلات اليومي من خلال حسابي في موقع آبل للمطورين ، و انتظرت بلهفة و شوق كبيرين التقرير كي أرى كم من الأرباح و المبيعات حققت بوصول التطبيق للمركز الثاني على قائمة التطبيقات المدفوعة .
و هنا كانت المفاجأة !
لم يشتر التطبيق سوى شخصين إثنين فقط ! ربما كنت أحدهم ! إذا كيف وصل للمركز الثاني على قائمة أكثر التطبيقات المدفوعة تحميلا ؟!
الجواب هو أن متجر آبل للتطبيقات ليس متجرا واحدا . حيث أنه يوجد متجر أمريكي و متجر ياباني و متجر بريطاني و متجر سعودي و لكل دولة متجر خاص بها يضم قائمة بالتطبيقات الأكثر تحميلا لتلك الدولة فقط ، فتطبيق مطاعم البحرين حصل على المركز الثاني بالفعل و لكن في متجر البحرين فقط ! اذ أنه لقلة من يقوم بشراء التطبيقات المدفوعة في البحرين ، ربما لصغر حجم سوق البحرين و كذلك لتفضيل المستخدمين التطبيقات المجانية ، فقط بقيام شخصين إثنين فقط بشراء التطبيق ادى ذلك لوصول التطبيق للمركز الثاني على قائمة أكثر التطبيقات تحميلا . بينما في متجر آبل ستور الامريكي مثلا ، تحتاج لمئات التحميلات حتى تصل لمركز متقدم ضمن أفضل التطبيقات المدفوعة ، و أما بالنسبة للتطبيقات المجانية فستحتاج لتحميلات أكبر من ذلك بكثير ، آلاف او عشرات الالاف من التحميلات يوميا حتى تصل لمركز متقدم في كل قسم من أقسام المتجر .
فأرباحي كانت فقط 4 دولارات في ذلك اليوم ، تخصم آبل منها 30 بالمئة و يتبقى للمطور 70 بالمئة .
لذا علمت عندها إن إستمرار تطوير تطبيقات موجهة فقط لمتجر البحرين للتطبيقات ، لن يحقق لي الأرباح المنشودة . فقررت التفكير في عمل تطبيقات جديدة موجهة لأسواق أكبر و أشمل .
تطبيق التحدي الصعب
قمت بتطوير لعبة عبارة عن الغاز و تحديات مختلفة ، أسميتها التحدي الصعب تضم أكثر من ٤٩ تحدي ، إستغرق مني إنجازها فترة تصل إلى الشهر ، استعنت خلالها بكل ما توفر لي من مصادر في اليوتيوب و الانترنت من أجل تنفيذ برمجة اللعبة . و بعد إنجازها و تسليمها لآبل تمت الموافقة عليها ، وضعت سعر للعبة و كان دولارين أيضا ، ثم بعد ذلك قمت بمراسلة المواقع التقنية الشهيرة ، مثل آيفون إسلام و أخبار التطبيقات و الذين وافقوا مشكورين بنشر اللعبة مقابل عرضها مجانا لفترة محدودة في مواقعهم ، و قد حققت اللعبة نجاحا كبيرا ، حصلت على آلاف التحميلات المجانية في يوم واحد ! و من ثم بعد إعادة السعر الى المدفوع ، إستمرت اللعبة في تحقيق الأرباح و حصلت على ١٠٠ دولار في اليوم الأول من إعادة السعر الى المدفوع ! و بلغت إيرادات اللعبة في نهاية الشهر ٦٧٧ $ !
كل ذلك من لعبة واحدة و تطبيق واحد . الأمر الذي شجعني على الاستمرار في تطوير التطبيقات ، خصوصا بعد استلامي للأرباح فعليا بعد إرسالها من آبل إلى حسابي البنكي !
استمريت في تطوير و نشر التطبيقات ، بل و قمت بنشر بعض التطبيقات دون أن أقوم برمجتها بنفسي ! حيث وجدت مواقع متخصصة تبيع كودات جاهزة – سورس كود – لتطبيقات مختلفة ، و كنت أشتريها و أقوم ببعض التغييرات فيها و من ثم نشرها في المتجر ، و كذلك استعنت لاحقا ببعض المبرمجين الفري لانسر من خلال عدد من المواقع المختلفة مثل freelancer.com و fiverr.com و غيرها لتنفيذ عدد من أفكار التطبيقات ، لأن تعلم برمجة التطبيقات يتطلب وقتا و جهدا كبيرا ، فيمكن اختصار كل ذلك بإيجاد أحد المبرمجين و الدفع له مقابل العمل .
قمت بنشر عدة تطبيقات أخرى لأنجح في تحقيق صافي أرباح قدره ٢٠٠٧٠ $ – عشرين ألف و سبعين دولار في عام ٢٠١٤ ، و ثم حققت صافي أرباح قدره ٤١٠٠٠ $ ، ” واحد و أربعين ألف دولار – في عام ٢٠١٨ ! “
و قد قمت بتأليف كتاب كامل يتضمن حكايتي مع تطوير التطبيقات ، و ماهي الصعوبات التي واجهتها و أسماء التطبيقات التي حققت لي أرباح تجاوزت المئة ألف دولار ، نشرت في هذا الكتاب مسيرتي في تطوير التطبيقات على مدار عشر سنوات و كيف تمكنت من تحقيق هذه الأرباح ، يتضمن الكتاب ٨١ صفحة ، يمكن شراء النسخة الكاملة من ملف الكتاب الالكتروني بصيغة بي دي اف من خلال ضغطة زر عن طريق موقع جومرود.